لنتعرف معا على الجاذبية الأرضية
جاذبـيـة الأرضيعود الفضل إلى اسحق نيوتُن Issac Newton في إطلاق الصفة الشمولية للتجـاذب وفي صياغة قانون التجاذب العالمي الذي يصف حركة الأجرام السماوية. و كان أول من فسر ذلك بجذب الأرض للأجسام . لكن لماذا تجذب الأرض ما على سطحها ولا تجذب غيرها من الأجرام العلوية ؟ سأل نيوتن نفسه هذا السؤال ، ونظر في أمر القمر والأرض ، فوجد بالحساب أن القمر منجذب إلى الأرض انجذاب ما على سطحها إليها ، وأن ما هناك من فرق بين الإنجذابين راجع إلى ما بين القمر والأرض من مسافة ، وأن انجذاب القمر إلى الأرض هو سر دورانه حولها . وقبل نيوتن أثبت كوبرنيك Kopernik أن الأرض تدور حول الشمس وأن الكواكب السيارة تدور حول الشمس كذلك ، لكنه كان يظن أنها تدور حول الشمس في دوائر ، حتى جاء كبلر Kepler فأثبت أنها تدور حول الشمس بصورة مخصصة في قطوع ناقصة ، أي في مدارات بيضاوية ، الشمس في مركز خاص داخلها . فلما جاء نيوتن أثبت بالحساب أن تلك الصورةالتي تدور بها الكواكب السيارة ، ومنها الأرض ، حول الشمس لا يمكن أن تكون إلا إذا كان بين الشمس والكوكب تجاذبعلى الخط الواصل بين مركزيهما . أي إنه أثبت بحقائق الفلك انجذاب الأرض وبقية السيارات إلى الشمس ، كما أثبت انجذاب القمر إلى الأرض ، بقوة خاصة متوقفة على مقدار ما في الكوكبين المتجاذبين من مادة وعلى مقدار المسافة التي بينهما . ثم نظر في الجاذبية هذه وتساءل أهي خاصة بالأجسام الكبيرة أم تكون بين الأجسام الصغيرة أيضاً فتكون من خواص المادة نفسها لا من خواص الكتل الكبيرة منها ؟ فأنتهى به النظر الحسابي الدقيق إلى الحقائق التالية :
أهـمـية الجاذبية في الكون: إن الإنسان لا يكاد يستطيع أن يتصور كيف كانت تكون الحياة على الأرض لو لم تكن هناك جاذبية بين الأرض وبين ما عليها ، فلولا الجاذبية ما كان للأجسام على الأرض وزن ، ولطارت هذه الأجسام عن الأرض بالحركة ثم لم تعد إليها من بعد . فلولا جذب الأرض الهواء الجوي مثلاً لفارقها لشدة حركة جزيئاته ، ولصارت الأرض في النهاية لا هواء فيها ولا جو لها ، و لانعدمت الحياة على سطح الأرض بانعدام الهواء كما انعدمت على سطح القمر . ( صورة 151 طاقة التقلص بالتجاذب : تطلق كتلة تخضع لقوة الجاذبية في جرم سماوي طاقة ملحوظة تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارتها. وتتضح هذه الطاقة بتمدد الحجم أو تقلصه وبتغير درجة الحرارة . تبرد بالتمدد ، وتسخن بالتقلص. وهي حقائق تكشفها لنا أجهزة التحليل الطيفي بدقة ) . وجذب الأرض هو الذي ينزل الله عز وجل به المطر من السحاب وإلا لما عاد الماء إلى الأرض أبداً بعد أن يفارقها متبحراً بحرارة الشمس ، ولفارقها بخاراً مع الهواء ، ولجفت جميع المياه من على الأرض في النهاية فلا يكون عليها بحر ولا نهر ، ولانعدمت فيها الحياة بانعدام الماء . وكما سخر الله سبحانه وتعالى الجاذبية للإنسان في إجراء الأنهار إلى سطح البحر ، سخرها له أيضاً في كبح جماح البحر ومنعه أن يطغى بمائه الأجاج على النهر أو على اليابسة ، فهي دائماً تحبسه في مستقره الذي هو أقرب مواطنسطح الأرض إلى مركز الأرض ، فكلما همَّ البحربالهجوم بفعل المـد أو الريح أو حركة الأرض جذبته قدرة الله الباري جلت قدرته بلجام الجاذبية يبقى مقيداً بقيد الجاذبية فيه : "هو الذي مرج البحرين ، هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج ، وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً" .
تعيين ثابتة التجاذب العالميإن تعيين ثابتة التجاذب العالمي تجريبياً يتطلب دقة فائقة . وقد تمكن العالم الإنجليزي كفنديش من قياس هذا الثابت باستخدام ميزان الفتل (انظر الشكل ) الذي يبين ميزان فتل صممه عالم الفيزياء بويز لقياس ثابتة التجاذب العالمي بدقة وهو يتألف من كرتين ( A) و ( B) من معدن ثمين لا يحتوي على الفولاذ ولا تتعدى كتلة الكرة الواحدة فيه بضعة غرامات .
تغلق هذه الكرات الأربع على النحو المبين في الشكل وتبدأ التجربة بوضع الكرات في مكان معزول لا تخضع فيه إلى جذب يذكر من الأرض ثم تقرب كرتان رصاصيتان ثقيلتان (MA) و (MB) تدريجياً من الكرات الصغيرة ، فتخضع هذه لقوة الجذب الثقالية . إن الوضع الهندسي للكرتين الثقيلتين يسبب دروان ميزان الفتل . ويتوقف الميزان عن الدوران عندما تتوقف مزدوجة التدوير الناشئة عن الجذب الثقالي بين الكرات مع مزدوجة معاكسة يولدها سلك التعليق في الميزان . وطبيعي أنه يمكننا معايرة هذه المزدوجة المعاكسة بحيث نعلم القيمة المقابلة لكل زاوية دوران لميزان الفتل .
قـوانـيـن كبلـر: تصف قوانين كبلر حركة جسم خاضع لقوة تجاذبية من قبل جسم آخر . إن تطبيق قوانين كبلر على حركة الكواكب يقودنا إلى نتائج تقريبية . ذلك أن أي كوكب منها لا يخضع لجذب الشمس فحسب، بل يخضع أيضاً لجذب الكواكب الأخرى له .( انظر الشكل الذي يبين تبسيط لقانون كبلر )
قوانين كبلر وهي
: 1 – يرسم كل كوكب مساراً إهليجياً حول الشمس التي تحتل إحدى بؤرتيه ولا تكاد تختلف هذه الإهليجات التي ترسمها الكواكب المختلفة عن الدوائر إلا قليلاً ، ما دعا كوبرنيك الذي سبق كبلر إلى عد هذه المسارات جميعاً دائرية. ونميز في المسار الإهليجي موضعين : يسمى الأول منهما موضع الأوج ، وهو أبعد نقطة يبلغها الكوكب على المسار. ويسمى الثاني موضع الحضيض ، وهو أقرب موضع للكوكب من الشمس . 2 – إن الخط الواصل بين الكوكب والشمس يقطع من القطع الناقص مساحات متناسبة مع الزمن. أي إن الكوكب يتحرك بسرعة أقل عند الأوج من السرعة التي يتحرك بها عند الحضيض .
وبعبارة أخرى : إن المسافة التي يقطعها الكوكب عندما يكون قريباً من موضع الأوج خلال زمن ما هي أقل من المسافة التي يقطعها خلال نفس الزمن عندما يكون قريباً من موضع الحضيض . 3 – إن النسبة بين مربع الزمن الذي يحتاج إليه كوكب ما كي يرسم دورة كاملة حول الشمس وبين مكعب نصف القطر الكبير لمساره الإهليجي تساوي النسبة المقابلة لسائر الكواكب .
لا تنسونا من صالح دعواتكم